ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق؟
اصيب الكثير من المصريين بالصدمة بسبب تسجيل صوتى لمن يسمية السلفيون “أسد
السنة وأعلم أهل الأرض” أبو إسحاق الحوينى يدعوا فية الى عودة نظام الرق
موضحا كيف ان هذا النظام سيحل مشكلة الفقر فى مصر بالاضافة الى ممارسة
الجنس و الوقاية من الزنا ولم تهدأ الضجة حتى ظهر صوت أخر من الكويت ولكن
هذه المرة إمرأة تدعوا الى شراء السبايا من اسرى الروس فى الشيشان بمبلغ
2500 دينار ولا ادرى لماذا اختارت هذه السيدة بنات الروس فقط ليكونوا
سبايا؟ الا يوجد حرب ايضا فى كشمير فلماذا لم تدعوا الى إتخاذ سبايا هنود؟
هل لانهن اقل جمالا؟ او سبايا امريكان من افغانستان والعراق ام انها تخاف
رد فعل الامريكان فأثرت السلامة والجهاد فى ميدان اقل خطورة؟
وانا استغرب من صدمة اهل مصر من سماع هذا الكلام فاولا هذا الكلام يتسق مع
الفكر السلفى الذى يعتبر المرأة متاع يباع ويشترى باسم الزواج او باسم الرق
لا يوجد فرق كبير الا ان الزوجة سيقوم بتغطيتها بالكامل فلا يرى منها الا
عينها اليمنى ام الجارية فستخرج عارية الصدر لا تغطى الا عورتها التى اجمع
العلماء على انها مثل عورة الرجل اى القبل والدبر فقط لا غير. وهذه النظرة
ايضا تتسق مع نظرتهم لغير المسلمين الذين يعتبرونهم مجموعة من البهائم التى
خلقت لخدمة المسلمين بنفس المنطق اليهودى عن شعب الله المختار فلا ادرى
لماذا يعترضون على اليهود فى هذا الامر ثم يحلوة لانفسهم؟؟؟
ايضا هذه ليست المرة الأولى التى يتكلم فيها السلفيون على عودة نظام الرق
وبهذة المناسبة اقدم لكم هذا البحث السلفى عن فوائد الرق والذى نشر من ما
يقرب العامين على المواقع السلفية واترك لكم التعليق بعد ذلك
————————–
ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق
بقلم سيد أحمد مهدى
هذه الشريعة “عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها”[1] ، هكذا دون
تردد سطر ابن القيم رحمه الله تعالى هذه الكلمات بثقة العالم الرباني
الموقن بحكمة الله تعالى وكمال دين الإسلام ، قد يقولها سواه كثير، لكن ما
إن تتعارض الشريعة مع القضايا التي صارت مسلمة في الثقافة الغربية
ومؤسساتها التي فُرضَت على العالم ، حتى يصبح الإسلام في قفص الاتهام ،
يحتاج إلى من يدافع عنه ويؤول نصوصه وتاريخه لتتلاءم مع ميثاق حقوق
الإنسان،وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ الثورة الفرنسية….ء
قال أحدهم: “إذا أردت أن تُصدَّق كذبتك فأكثر تردادها”، لقد انبهرنا
بالثقافة الغربية وهيمنتها إلى حد صدقنا فيه بعض الكذبات من كثرة ما رددت
علينا، وصرنا نتصور بعض القضايا بمفاهيم غير إسلامية، ثم نناقشها على ذلك
الأساس.ء
ابتدع الكفار لحماية ثقافتهم وأفكارهم أنبازا يقذفون بها من حاد عن صفهم،
صار بعضنا اليوم في البلاد الإسلامية يخشى أن يقذف بها إذا تكلم بالحق :
معاد للسامية (لمن يعادي اليهود)،كاره للمثليين (لمن يتبرأ من عمل قوم
لوط)،جنسي(لمن يرى قوامة الرجل على امرأة)، عنصري واستعبادي (لمن يسلّم
بمشروعية الاسترقاق).ء
أثار أعداء ديننا شبهة إقرار شريعتنا للرق للطعن في الإسلام، فانبرى
العلماء والمفكرون للرد على شبهات المبطلين، وإن كان معظمهم أفلح في إظهار
الفارق بين “رقنا” و”رقهم”،فإن جمهور من تكلم في قضية الرق خلص إلى أن
الإسلام عمل على إلغاء الرق وإعدامه، وأن ما نعيشه في العصور المتأخرة من
منع الاسترقاق إنما هو من بركة الإسلام وأن تلك نعمة ينبغي أن نشكرها
والحق أن إلغاء الرق من المصائب العظيمة التي مني بها المسلمون بسبب
ابتعادهم عن شريعة ربهم و تقاعسهم عن نصرة دينه سبحانه وتعالى، وانقطع
بانقطاع الرق سبل كثيرة من سبل الخير في الدنيا والآخرة على المسلمين، نعم…
لقد خسر المسلمون بإلغاء الرق نعما كثيرة اقتضتها حكمة الله تعالى في
تشريع هذا النظام المحكم العادل
ولك أن تسأل-أيها القارئ الكريم-:ماذا خسر المسلمون بإلغاء الرق؟ اذكر لنا شيئا من ذلك مصداقا لدعواك!ء
سأعدد لك -أيها القارئ الكريم- في هذا المقال -إن شاء الله تعالى- شيئا مما
وقفتُ عليه من النعم التي حُرمتها أنا وأنت وكل مسلم بسبب إلغاء الرق، هذه
المصيبة التي ينبغي أن نحتسب أجرها عند الله تعالى، فأقول:ء
خسر المسلمون بإلغاء الرق …ء
….سبيلا من سبل الدعوة إلى الله تعالى
خير لك من حمر النعم …من الدنيا وما فيها ..أن يهدي الله تعالى بك رجلا …أن يعتقه من الخلود في النار بسببك، هذا هو حلم كل مسلم
كان استرقاق المسلمين الكفار من أعظم سبل الدعوة إلى الإسلام وإنقاذ الناس
من الكفر، ذلك أن الكافر إذا أُسر وعاش بين ظهراني المسلمين ورأى حسن
معاملتهم فإنه لا يلبث أن يقتنع بهذا الدين العظيم فيسلم، وإن لم يسلم هو
أسلمت ذريته التي تنشأ في بيئة إسلامية، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فإن
عددا لا يحصيهم إلا الله تعالى من الرقيق دخلوا في الإسلام ثم صاروا أو صار
أبناؤهم وأحفادهم علماء وملوكا ومجاهدين يدافعون عن الإسلام وينصرونه،
فسبحان مقلب القلوب، وسبحان من يخرج الحي من الميت، قال الشنقيطي :”ومن
المعلوم أن كثيرا من أجلاء علماء المسلمين ومحدثيهم الكبار كانوا أرقاء
مملوكين، أو أبناء أرقاء مملوكين،فهذا محمد بن سيرين كان أبوه سيرين عبدا
لأنس بن مالك،وهذا مكحول كان عبدا لامرأة من هذيل فأعتقته،ومثل هذا أكثر من
أن يحصى كما هو معلوم”[2]ء
وهذا الجيش الإنكشاري سيف الدولة العثمانية المسلط على أعداء الدين،كان
أصله من سبي النصارى من الغلمان الذين أنشئوا على حب الإسلام والجهاد في
سبيل الله سبحانه[3]،وقامت دولة المماليك في مصر والشام التي دفع الله بها
كيد المغول والصليبيين، وكان أسلافهم من الرقيق والسبي. [4]ء
…سبيلا من سبل الأجر
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قال النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا
اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ
النَّارِ”[5] ، لقد كان إعتاق الرقيق مكرمة في الجاهلية والإسلام، وكان
المسلمون يهرعون إلى الإعتاق إذا ألمت بهم المصائب وحلت بهم النوائب ورأوا
آيات العذاب، فعَنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ:” لَقَدْ أَمَرَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ
الشَّمْسِ”[6]، وكثيرا ما نقرأ في كتب التاريخ أن فلانا من الملوك أو
الأغنياء ألم به مرض أو مصاب فأعتق جميع غلمانه، أما في مواسم الخير فكان
سلفنا يتسارعون إلى إعتاق العبيد في العشر الأواخر من رمضان وفي يوم عرفة
عند الموقف عسى أن يعتق الكريم جل جلاله رقابهم من النار
كأني بك أيها القارئ الكريم الراغب في رحمة الله تحترق شوقا لأن تعتق نسمة
مؤمنة، وترى الفرح والسرور على وجه ذلك العتيق،وتسمعه يلهج لك بالدعاء
أن:”أَعتَقَ الله من أعتقني!” لكن أنّا لنا ذلك،فقد ألغي الرق فإنا لله
وإنا إليه راجعون، إن الأجر الذي حرمناه بانقطاع هذا السبيل من سبل الخير
لمن أعظم المصائب المترتبة على إلغاء الرق
…سبيلا من سبل الاستعفاف والإعفاف
صار الزواج معضلة من معضلات العصر بين شباب المسلمين، لأن قسمة قضاء الوطر
في عصرنا ثنائية : زواج أو زنا ! وكانت قسمة أسلافنا ثلاثية : زواج أو زنا
أو…تسري! قال تعالى مبينا صفات المؤمنين:وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)(المؤمنون 5-6)،َوقال
تعالى: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ
الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ
فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ (النساء 25).ء
والكلفة في الحالتين: التسري بملك اليمين أو نكاح الأمة، أقل وأيسر من نكاح
الحرة، فلعلك ترث أمة أو تُوهبها أو تدخر لتشتريها كما تدخر لشراء الثلاجة
والسيارة! بخلاف الحرة التي لا يُتوصل إليها إلا بالوسائل العظيمة
والأموال الجزيلة ثم تشترط عليك الشروط الكثيرة ..أما الأمة فأنت سيدها
تأتمر بأمرك وتنتهي بنهيك…ء
تخيل أيها القارئ الكريم أننا لا نزال ننعم بنعمة الرق، أليس في ذلك سبيل
إحصان لجحافل العزاب في مجتمعاتنا؟ أليس نكون كُفينا آفات العزوبة من تهتك
أخلاقي وأمراض نفسية، بل… وعمليات انتحارية! لكن كان أمر الله قدرا مقدورا
وما أصابنا فبما كسبت أيدينا
ثم لعلك تقول :هاهي ذي فائدة الرق في إحصان الرجل، فما فائدته في إحصان المرأة؟
فأقول :هب أن المسلمين استعادوا قوتهم وغزوا أقواما من الكفار وسجنوا
رجالهم أو قتلوهم، فما يُفعل بنسائهم من ينفق عليهن… من يحميهن… من يحصنهن
ويعفهن؟ قال صاحب الظلال:”على أنه يحسن ألا ننسى أن هؤلاء الأسيرات
المسترقات لهن مطالب فطرية لا بد أن يحسب حسابها في حياتهن ولا يمكن
إغفالها في نظام واقعي يراعي فطرة الإنسان وواقعه، فإما أن تتم تلبية هذه
المطالب عن طريق الزواج وإما أن تتم عن طريق تسري السيد ما دام نظام
الاسترقاق قائماً كي لا ينشرن في المجتمع حالة من الانحلال الخلقي والفوضى
الجنسية لا ضابط لها حين يلبين حاجتهن الفطرية عن طريق البغاء أو المخادنة
كما كانت الحال في الجاهلية .”[7]ء
تالله إن السبي رحمة للبشر -كفارا ومسلمين- لو كانوا يعلمون، فتأمل كيف
تكون المرأة امرأة كافر محارب للإسلام، ثم يقتل زوجها في الحرب فتقع في سهم
رجل من المسلمين، فيتسراها، فتصير من حريمه يصونها ويحصنها ويحفظها ويحرم
ديننا -الذي ذم الدياثة- عليه أن يفرط في عرضها. قال الشيخ الطاهر ابن
عاشور:” وألحق التسري بالنكاح في صحة النسب الناشئ عنه لأن السيد إذا اتخذ
أمته سرية له حاطها من حراسته بأقوى مما يحوط به إماء الخدمة بدافع مركب من
الجبلة والعادة، فإذا صارت أم ولد له صارت لها أحكام خاصة “[8] ء
…سبيلا من سبل التفرغ للعبادة
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” الْعَبْدُ إِذَا نَصَحَ سَيِّدَهُ
وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ”[9] ،في هذا
الحديث وفي نظائره حِكَم لمن تأمل، فإن الله تعالى خلقنا في هذه الدنيا
لعبادته، والعزيمة شغل كل وقت الحياة بعبادته تعالى، لكن من رحمته سبحانه
رخص لنا وخفف علينا ووضع عنا الآصار والأغلال ، ثم مع ذلك جعل الأجر العميم
في أمور نفعلها لمعاشنا كالأكل والنوم وقضاء الوطر من الأزواج والفرح
بالذرية إذا نوينا بها طاعة الله، وجعل تعالى لمن بلي بنوع شغل زائدٍ أجرُه
في ذلك الشغل إن أحسن فيه، أليس جعل جنة المرأة في طاعة زوجها لما كانت
وظيفتها الاشتغال بطاعته وخدمته، وجعل سبحانه مضاعفة الأجر للعبد في حسن
خدمة سيده لما كانت تلك وظيفته، فهذا العبد المشغول صباحا ومساء بخدمة سيده
لو لم يُجعل ثوابه في ذلك عظيما لأرهق ولشق عليه أن يؤدي وظيفة العبد ثم
يعبد عبادة السيد، لذلك فُرِّغ لعبادته وهي حسن الخدمة للسيد، فسبحان من
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى! ء
لكن همة ساداتنا من السلف الذي ابتلوا بالرق تفوق الجبال، قال سيدنا أبو
العالية : “كنا عبيدا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله،
فكنا نختم كل ليلة، فشق علينا حتى شكا بعضنا إلى بعض،فلقينا أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فعلمونا أن نختم كل جمعة، فصلينا ونمنا ولم يشق
علينا”.[10]ء
ثم إنك قد تعجب من كثرة صلاة سلفنا وكثرة صيامهم وتفرغهم للعبادة والتلاوة
والذكر والتسبيح بما لا نستطيع معشار عشره، فنحن يلزمنا الذهاب صباحا إلى
الدوام، فنكدح ثمانية ساعات ثم نعود مرهقين إلى بيوتنا فنرتمي على فرشنا
صرعى أخي الموت!نعم… قد بورك لسلفنا في أوقاتهم، ومن هذه البركة أن سخر
الله تعالى لهم الغلمان والعبيد الذين يكفونهم المهنة وأشغال البيت، فاعجب
من حكمة الله في تشريع الرق …ثم اعجب …ثم اعجب …ء
وإليك هذه القصة عن أسماء رضي الله عنه لترى كيف يعتق العبد حرا لمّا يكفيه
مؤنة الشغل، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ:” تَزَوَّجَنِي
الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا
شَيْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ، قَالَتْ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ
مَئُونَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ وَأَعْلِفُهُ
وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرُزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ …..وَكُنْتُ أَنْقُلُ
النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ
فَرْسَخٍ …..حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ
فَكَفَتْنِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَتْنِي”.[11]ء
…سبيلا من سبل الرزق
رأينا قبلُ أن الله تعالى سخر لسلفنا العبيد والغلمان والإماء يكفونهم أمر
المهنة وكثير من أمور الاسترزاق، فهذا سبيل رزق حرمناه بإلغاء الرق، بل
كانت تجارة الرقيق النافقة يوم كانت سوق الجهاد قائمة من أعظم دعائم
الاقتصاد الإسلامي، فهذه مدينة الجزائر -حرسها الله- أيام الجهاد في أوائل
العهد العثماني كان قائمةُ اقتصادها على الغنائم والسبي مما يناله
المجاهدون في غزوهم البحري
ثم إن شرعنا أوجب الإنفاق على الرقيق وإطعامهم وكسوتهم، لا يُطعمون فضلة
الطعام ولا يُكسون بالي الثياب، بل تطعمه مما تطعم وتكسوه مما تلبس، قال
النبي صلى الله عليه وسلم:”إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ
تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ
مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا
يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ”.[12]ء
فكون العبد رقيقا باب من أبواب الرزق لطائفة من الناس خرقى أو سذج لا
يحسنون الاسترزاق، أو لا تتاح لهم فرص العمل، فالعبد في الغالب غريب عن أهل
البلد،وكان هو أو آباؤه كفارا محاربين للإسلام ،فمن كان ليوظفه لو كان
حرا؟ لذلك نص بعض العلماء على رجحان عدم إجزاء عتق من لا يقوم على نفسه في
الكفارات، قال الشيخ السعدي: ” الحكمة تقتضي أن لا يجزئ عتق المعيب في
الكفارة؛ لأن المقصود بالعتق نفع العتيق، وملكه منافع نفسه، فإذا كان يضيع
بعتقه، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه، مع أن في قوله: ( تحرير
رقبة ) ما يدل على ذلك؛ فإن التحرير: تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون
له، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير. فتأمل ذلك فإنه
واضح.”[13]ء
…سبيلا من سبل إكرام المسلمين ومعاقبة الكافرين
قال الشنقيطي رحمه الله :” وسبب الملك بالرق: هو الكُفر، ومحاربة الله
ورسوله، فإذا أقدر الله المسلمين المجاهدين الباذلين مهجهم وأموالهم، وجميع
قواهم، وما أعطاهم الله لِتكون كلمة الله هي العليا على الكفار ـ جعلهم
ملكاً لهم بالسبي. إلا إذا اختار الإمام المن أو الفداء. لما في ذلك من
المصلحة على المسلمين، وهذا الحكم من أعدل الأحكام وأوضحها وأظهرها حكمة،
وذلك أن الله جلَّ وعلا خلق الخلق ليعبدوه ويوحدوه، ويمتثلوا أوامره
ويجتنبوا نواهيه……وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة……وجعل لهم السمع والأبصار
والأفئدة ليشكروه, …. فتمرد الكفار على ربهم وطغوا وعتوا، وأعلنوا الحرب
على رسله لئلا تكون كلمته هي العليا، واستعملوا جميع المواهب التي أنعم
عليهم بها في محاربته، وارتكاب ما يسخطه، ومعاداته ومعاداة أوليائه
القائمين بأمره. وهذا أكبر جريمة يتصورها الإنسان.
فعاقبهم الحكم العدل اللطيف الخبير جلَّ وعلا ـ عقوبة شديدة تُناسب
جريمتهم. فسلبهم التصرف، ووضعهم من مقام الإنسانية إلى مقام أسفل منه كمقام
الحيوانات، فأجاز بيعهم وشِراءهم، وغير ذلك من التصرفات المالية، مع أنه
لم يسلبهم حقوق الإنسانية سلباً كلياً. فأوجب على مالكيهم الرفق والإحسان
إليهم، وأن يطعموهم مما يطعمون، ويكسوهم مما يلبسون، ولا يكلفوهم من العمل
ما لا يطيقون، وإن كلفوهم أعانوهم.”[14]ء
…سبيلا من سبل علو الهمة في المروءة
لو تساوى الناس في الغنى والفقر، والرفعة والوضاعة، والصحة والمرض، لاختل
ناموس الحياة ولما احتاج بعضهم إلى بعض، ولما ميزوا بين الحسن والقبيح، فإن
الضد يظهر حسنه الضد، لذلك رفع الله سبحانه وتعالى عباده بعضهم فوق بعض
درجات ليفتن بعضهم ببعض، وليتخذ بعضهم بعضا سخريا،ومن ذلك أن خلق تعالى
أناسا وسخرهم ليكونوا عبيدا وخلق أناسا وسخرهم ليكونوا أحرارا وفرق الله
سبحانه وتعالى بينهم كونا وشرعا، قال ابن قيم رحمه الله تعالى:” أما جلد
قاذف الحر دون العبد فتفريق لشرعه بين ما فرق الله بينهما بقدره ، فما جعل
الله سبحانه العبد كالحر من كل وجه لا قدرا ولا شرعا ، وقد ضرب الله سبحانه
لعباده الأمثال التي أخبر فيها بالتفاوت بين الحر والعبد ، وأنهم لا يرضون
أن تساويهم عبيدهم في أرزاقهم ، فالله سبحانه وتعالى فضل بعض خلقه على
بعض، وفضل الأحرار على العبيد في الملك وأسبابه والقدرة على التصرف ، وجعل
العبد مملوكا والحر مالكا، ولا يستوي المالك والمملوك، وأما التسوية بينهما
على أحكام الثواب والعقاب فذلك موجب العدل والإحسان ، فإنه يوم الجزاء لا
يبقى هناك عبد ولا حر ولا مالك ولا مملوك” [15]ء
وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور رحمه الله :” لفظ الحرية في اللغة العربية كان
يطلق على السلامة من النقائص التي كانوا يعتبرونها من صفات العبيد”[16]
لذلك جاء في كلام العرب وأشعارهم وأمثالهم ما يدل على هذا المعنى كقولهم:
وعد الحر دين عليه، وتجوع الحرة ولا تأكل بثدييها
فهذه الحقيقة الواقعة كانت حافزا للأحرار أن يُعلُوا همتهم في المروءة فلا
يشابهوا الأخلاق التي تفشو في العبيد فيُعيَّروا بذلك ، وكانت حافزا للعبيد
أيضا أن يسموا إلى الحرية بالمكاتبة فجاء ديننا بالحث عليها، قال الله
تعالى: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا(النور 33).ء
ثم ألغي الرق ، وحرر العبيد من الاسترقاق وبعضهم لـمّا يحرر بعد من مساوئ
الأخلاق التي كانت مستساغة في حقهم أو متجاوز عنها أيام كونهم رقيقا، ثم
اختلط الأحرار والمحررون وامتزجت أخلاقهم فضاعت الكثير من خصال المروءة
لانعدام الحافز لتحصيلها
…سبيلا من سبل التخفيف في التكاليف
كما فضل الله تعالى الناس بعضهم على بعض في المروءة ، فقد جعلهم سبحانه
درجات في منازل العبادة والتكليف كل حسب مقدرته، لذلك سلط الله تعالى
برحمته البلاء على عباده بقدر إيمانهم، ونحن نعلم أن الرق سببه الكفر،
فالمسلم من الرقيق إما أن يكون حديثا عهد به أو منحدرا من أسرة قريبة عهد
به ترسخت فيها بعض العادات، ثم إن العبد في مشغلة غالبا عن تعلم أمور
الدين، وذلك من أسباب التجاوز والتخفيف، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يتجاوز عن كثير من أفاعيل الأعراب التي لو فعلها حر لاستحق عليها العقوبة
الموجعة
من أجل ذلك خفف الله سبحانه وتعالى برحمته على الرقيق في تنصيف الحد وسقوط
الجمعة والزكاة …، وتنصيف العدة على الإماء، وخُفف على الإماء في أمور
الحجاب والستر
قال ابن القيم في بيان حكمةجعل حد الرقيق على النصف من حد الحر : “فلا ريب
أن الشارع فرق بين الحر والعبد في أحكام وسوى بينهما في أحكام فسوى بينهما
في الإيمان والإسلام ووجوب العبادات البدنية كالطهارة والصلاة والصوم
لاستوائهما في سببهما، وفرق بينهما في العبادات المالية كالحج والزكاة
والتكفير بالمال لافتراقهما في سببهما، وأما الحدود فلما كان وقوع المعصية
من الحر أقبح من وقوعها من العبد من جهة كمال نعمة الله تعالى عليه
بالحرية، وأن جعله مالكا لا مملوكا ولم يجعله تحت قهر غيره وتصرفه فيه، ومن
جهة تمكنه بأسباب القدرة من الاستغناء عن المعصية بما عوض الله عنها من
المباحات، فقابل النعمة التامة بضدها واستعمل القدرة في المعصية فاستحق من
العقوبة أكثر مما يستحقه من هو أخفض منه رتبة وأنقص منزلة، فإن الرجل كلما
كانت نعمة الله عليه أتم كانت عقوبته إذا ارتكب الجرائم أتم …… فإن العبد
كلما كملت نعمة الله عليه ينبغي له أن تكون طاعته له أكمل وشكره له أتم
ومعصيته له أقبح وشدة العقوبة تابعة لقبح المعصية، ولهذا كان أشد الناس
عذابا يوم القيامة عالما لم ينفعه الله بعلمه، فإن نعمة الله عليه بالعلم
أعظم من نعمته على الجاهل، وصدور المعصية منه أقبح من صدورها من الجاهل،
ولا يستوي عند الملوك والرؤساء من عصاهم من خواصهم وحشمهم ومن هو قريب منهم
ومن عصاهم من الأطراف والبعداء، فجعل حد العبد أخف من حد الحر جمعا بين
حكمة الزجر وحكمة نقصه، ولهذا كان على النصف منه في النكاح والطلاق والعدة،
إظهارا لشرف الحرية وخطرها وإعطاء لكل مرتبة حقها من الأمر كما أعطاها
حقها من القدر، ولا تنتقض هذه الحكمة بإعطاء العبد في الآخرة أجرين بل هذا
محض الحكمة، فإن العبد كان عليه في الدنيا حقان حق لله وحق لسيده، فأعطي
بإزاء قيامه بكل حق أجرا، فاتفقت حكمة الشرع والقدر والجزاء والحمد لله رب
العالمين .”[17]ء
خاتمة
إن من تمعن في نصوص الكتاب والسنة ونظر في كتب الفقه و التاريخ والأدب
ليستخلص أضعاف ما ذكرته من حِكم الرق ومنافعه التي حرمناها في زماننا هذا،
وكان القصد من هذا المقال أولا أن نصحح مفاهيمنا على ضوء النصوص الشرعية،
ولا نبالي إن نخر الكفار ،فإن الكافر مهما عظم شأنه عند قومه أقل وأذل من
أن يعبأ برأيه ويسمع لقوله في مثل هذه القضايا التي كفانا ديننا العظيم
معالجتها، ثم أن نسعى إلى تحصيل نعم الله تعالى التي حرمناها بشؤم ذنوبنا
بالعودة إلى تطبيق شرعه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،عَنْ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ :”إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ
الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ
اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى
دِينِكُمْ “[18].ء
نسأل الله تعالى الهداية والسداد
[1]أعلام الموقعين- ابن قيم الجوزية-ت عصام الصبايطي 1425-2004 المجلد 2 الجزء 3 ص3
[2]أضواء البيان-محمد الأمين الشنقيطي-دار الفكر-1415-1995 7/250
[3]انظر تاريخ الدولة العثمانية –شكيب أرسلان-ت حسن السماحي سويدان-دار ابن كثير /دار التربية-ط1-1422-2001 ص 58 وما بعدها
[4]انظر التاريخ الإسلامي –محمود شاكر-المكتب الإسلامي-ط4-1411-1991 (7/21-22) ء
[5]متفق عليه واللفظ للبخاري
[6]البخاري كتاب الجمعة باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس
[7]في ظلال القرآن-سيد قطب-دار إحياء التراث الإسلامي -ط4-1386-1967 2/248
[8]مقاصد الشريعة الإسلامية-محمد الطاهر بن عاشور- ضمن “محمد الطاهر بن
عاشور وكتابه مقاصد الشريعة”-محمد الحبيب بن الخوجة –طبعة وزارة الأوقاف
والشؤون الإسلامية في دولة قطر 436-437
[9]متفق عليه
[10]سير أعلام النبلاء –ترجمة أبي العالية
[11]متفق عليه وأوردته هنا باختصار
[12]متفق عليه
[13]تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان-عبد الرحمن بن ناصر
السعدي-ت. عبد الرحمن بن معلا اللويحق-دار ابن حزم-ط1-1424-2003 ص173
[14]أضواء البيان 3/29-30 باختصار
[15] أعلام الموقعين المجلد1 الجزء2 ص361
[16] أصول النظام الاجتماعي في الإسلام – محمد الطاهر بن عاشور –دار سحنون
/دار السلام ط2-1427-2006 وأورد رحمه الله تعالى على ذلك شواهد من الحديث
النبوي وأشعار العرب ص 151-152
[17] انظر أعلام الموقعين المجلد1 الجزء2 ص394-395
[18]أبو داود وصححه الألباني في الصحيحة رقم 11