من هم المستسلفون؟
في اللغه:كلمة مستسلف تشبه كلمة "مستذئب".
في الإصطلاح:هم اشخاص عاديين مثلي و مثلك, و بين ليلة و ضحاها تراهم قد انقلبوا ...الرجال منهم ترى ذقونهم نمت و كبرت و كلما كانت اكبر كان الشخص اكثر إستسلافا...يلبسون الجلباب الابيض و السروال القصير و صندل في القدمين..اما النساء فيتشحن بالسواد و يغطين و جوههن ..بعضهن يظهرن عيونهن و البعض الاخر-الاكثر استسلافا-لا يرى شيئا,هذا في حالة اذا اضطررن الخروج ...
حكايتي مع المستسلفين طويله..صادفت منهم اشكال مختلفه بجنسيات مختلفه و لكنهم جميعا مبرمجين بنفس الطريقه..تعالوا معي لنرى عالم المستسلفين...
كنت في الثاني الثانوي عند التقائي بأول مستسلف..كنت في اليمن و كان هو سوري الجنسيه..كان يدخل علينا الصف بجلبابه الابيض و سرواله القصير و الصندل اوفي بعض الاحيان" شبشب"..الراء عنده كانت مفخمه و هو ما سنلاحظه في كل المستسلفين عند تحدثهم باللغه العربيه..و لا اعلم ماهي الحكمه من ذلك و لكن يبدوا انه "ستايل "يمشون عليه...
و مع انه كان أستاذ دين الا ان نظراته كانت في منتهى الوقاحه(عذرا على الكلمه) و خاصة للبنات اللواتي لا يلبسن العبايه وانما يكتفين بلبس زي مدرسي رمادي اللون طويل الاكمام مع جيبه واسعه طويله و غطاء للرأس, و لكنه لم يكن راضي عن هذا اللبس (الملون)في نظره..و قد قال لنا في احدى المرات بأنه يتطلع للفتاه الغير ملتزمه لعلها تخجل و تعلم ان طريقه لبسها لافته للنظر و بذلك تلتزم !و استمر طوال السنه في البصبصه(حسنة النيه) الى ان انتهى العام الدراسي...
في الثاث الثانوي كان هناك مستسلف يدرس الرياضيات"مصري الجنسيه" و كان ملتزم بكل صفات المستسلفين الشكليه و لديه زوجه منقبه..الفرق انه كان خفيف الظل(يبدوا انه من الصعب على المصري ان لا يتمتع بخفة الظل حتى لو كان مستسلفا)J
هذا المدرس(ابو دم خفيف)لم يكن يشرح لنا شيئا في الرياضيات..لكي نضطر ان نأخذ دروس خصوصيه عنده..و هذا ما حدث ..اغلب الفتيات اضطررن لأخذ دروس خصوصيه عنده فهو يملك 20% من المعدل العام....
ثم شاءت الاقدار ان انتقل مع اهلي الي إحدى دول المغرب..و شاءت ايضا ان ارى احد المستسلفين هناك ..في الكليه التي كنت ادرس فيها..لم اره ابدا يتحدث مع اي شخص...كان منعزل تماما..و كان له تفس الجلباب و الذقن و النظره الوقحه..فتأكدت حينها ان مبدأ استاذ الدين يطبقه كل المستسلفون..فهم يتطلعون للفتيات بهدف اشعارهن بالخجل و من ثم هدايتهن للطريق القويم...
رجعت لليمن بعد عامين و سجلت في احدى الجامعات الخاصة و التي عرف عنها بالجديه و التعليم الممتاز..و لكنها للاسف كانت تعج بالمستسلفين..و كنت وقتها انسانه بريئه آتيه من المغرب العربي لا تفقه في عالم المستسلفين شيئا..فبكل بساطه عند دخولي المحاضره في الصباح اقول"صباح الخير" و لم اكن افهم سر نظرات الازدراء والاستغراب التي اراها كل صباح ..و كأنني ارتكبت فعلاً شائنا..الى ان جاء يوم و ردت عليا احد الاخوات وهي تنظر لي شزرا و ببرود مقصود و كأنها تلقني درسا"و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته"..وقتها فهمت"اخيرا" سر هذه النظرات..يبدوا ان كلمة"صباح" او ربما "الخير" لها معاني اخرى في لغة المستسلفين او ربما من الخطأ ان تتمنى لهم الخير فهم يفضلون البلاء الذي سيؤجرون عليه!!لا اعرف و لا اريد ان اعرف سر كراهية"صباح الخير"!!
و بما اني فتاه مرحه احب الحياه"و هذا في منظورهم اثم عظيم"..فقد كنت اجلس انا و قريبتي و هي من تعاني مثلي في هذه الاجواء الكئيبه و نبدأ في الضحك مثل كل البشر العاديين ...مثلي و مثلك..و لا نرى إلا نظرات الاستنكار تكاد تفتك بي انا و قريبتي..مالمشكله اذا ضحكنا؟لو كان هناك مستسلفين من الجنس الاخر(الرجال)لفهمت ان من وجهة نظرهم انه من العيب الضحك امام الرجال*..و لكن الجامعه كانت خاليه منهم عدى الاساتذه و قت المحاضرات فقط!
هذا بالاضافه الى وجود لوحات معلقه في كل الارجاء تدعونا نحن النساء بأن نكون امهات صالحات في المستقبل و نربي اولادنا على الجهاد و التقشف لمحاربة اعداء الله..و بمناسبة اعداء الله ..في احدى المرات استمعت الى حديث شيق كانت تديره احدى المستسلفات و يدور حول كيف ان الغرب الكافر يصدر لنا الغذاء والدواء السام و لكننا لا نموت!طبعا انتم تتساءلون لماذا لا نموت؟كانت اجابتها شديدة الاقناع عندما افصحت و دموع التأثر في مقلتيها بأن سبب عدم موتنا هو اننا ...مسلمين!
و كان يومها قراري بأن اترك هذه الجامعه...
انتقلت الى جامعه مختلطه فيها بشر عاديون... مثلي و مثلك...
كان هناك بعض المستسلفين هنا و هناك و لكن لم يكن لهم ذلك التأثير..
الى ان اتتنى احداهن..كانت تعمل في مكتبة الجامعه..و بدأت الحديث معي بللهجه العاديه مع القليل من العربي الفصيح مع الراء المفخمه..و طلبت مني الذهاب معها الى المكتبه بعد موعد اغلاقها بحجة ان هناك موضوع مهم تريد التحدث معي عنه..
دخلنا المكتبه و كشفت عن وجهها ..وبدأت الحديث" انتي فتاة جميله و عليكي بلبس النقاب للحفاظ على جمالك..و لا يرضيك ان تفتني الشباب بجمالك!" طبعا فرحتي ببداية حديثها بأني جميله لم تكتمل بمجرد ان اتت سيرة النقاب..اجبتها بأني غير مقتنعه بالنقاب..فبدأت بسرد كل الدلائل و البراهين على وجوب النقاب للنساء" الفاتنات" مثلي..و عندما وجدت ان هذا الاسلوب لن يفلح معي..استخدمت اسلوب الوعيد و التهديد بالنار و الثعبان الذي سيتلقفني في قبري الضيق...كل هذا وانا اتأمل ملامح وجهها(والذي كانت هذه هي المره الاولي-والاخيره- التي اراه فيها)و اسنانها الأماميه المسوسه..فقلت في نفسي لا عجب بأنك تخفي اسنانك منعا للفتنه..يا...فتنه...
بعد سنين طويله انتقلت"مع اهلي"الي إحدى دول الشام...و قابلت في احدى المرات احد المستسلفين يعمل في حي شعبي في احدى محلات البيع..نفس الذقن..نفس السروال..نفس النظرات ..مع منظر رث و غير نظيف مقارنة بنظافة اللبنانيين المعروفه...
و في صيف الشام يأتي الكثير من المستسلفين من دول اخرى و تراهم في وسط المدينه يجرّون وراءهم حريمهم و اللواتي بالكاد يرين طريقهن و هم يجروهن بأيديهم غير منتبهين ان النعجه..اقصد الزوجه.. التي معه تكاد تقع على الارض..فهو مشغول بالبصبصه على جمال بنات الشام لعل و عسى نظراته الجريئه الوقحه تهديهن الي طريق الصلاح و يستسلفن في يوم من الايام...
كانت هذه حكايتي مع المستسلفين على مدار السنيين في مختلف البلاد...
و رمضان كريم
(انصح كل بشري ان لا يقول كلمة رمضان كريم لأي مستسلف لأن لها نفس وقع كلمة صباح الخير..وقد اعذر من انذر)
*(تعريف الرجل في قاموس المستسلفات: مخلوق مخيف يجب تحاشيه اينما وجد و الهروب منه..و اذا كان محرَم فهو السيد و يجب اطاعته طاعه عمياء)